بعد الدولار والذهب. قفزات غير مسبوقة في أسعار الإسمنت في ليبيا : فشل في إدارة السوق وغياب الحلول المستدامة

سياسة / محلية -

 

تشهد ليبيا ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الإسمنت، إذ قفز سعر القنطار إلى 90 ديناراً (سعر الصرف 4.8 دنانير للدولار)، بارتفاع يصل إلى 54% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، مما أثار قلقاً كبيراً في السوق العقاري
وطرح تساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع.

وبحسب مصادر في السوق، يُقدر إنتاج مصنع البرج للإسمنت في زليتن، الذي يُعد من أكبر مصانع الإسمنت المنتجة في البلاد، وقد استأنف إنتاجه مؤخراً، بحوالي 1.5 مليون طن سنوياً، مما يجعله من الركائز الأساسية لتلبية الطلب المتزايد على الإسمنت في ليبيا. ومع ذلك، فإن الطلب المحلي، الذي يُقدر بحوالي سبعة ملايين طن سنوياً، لا يزال يتجاوز بكثير حجم الإنتاج.

المقاولون في طرابلس، يؤكدون أن أسعار الإسمنت ارتفعت ارتفاعاً ملحوظاً بسبب المضاربات، وأن المشكلة تتفاقم بسبب عدم استقرار الإنتاج في بعض المصانع، مثل مصنع البرج الذي كان قد توقف عن العمل لفترات بسبب الصراعات، لكنه عاد مؤخراً للإنتاج. ومع ذلك، لا تلبي الكميات المنتجة الطلب المتزايد، مما يفتح المجال أمام المضاربات التي ترفع الأسعار ارتفاعاً غير مبرر. في حين يشكو المواطنون والمستثمرون من صعوبة الحصول على الإسمنت.

تأثير ارتفاع الإسمنت
عبد الله كشاكة، أحد المواطنين من زليتن، أكد أنه ينتظر تسلّم شحنة من الإسمنت منذ أكثر من عام من دون جدوى، حيث يستمر الطلب في التفوق على العرض المحلي، مما يعوق استكمال مشروعات البناء.

وأفاد المصرف المركزي الليبي في بياناته بأن حجم الاعتمادات المستندية لشراء مواد البناء، بما في ذلك الإسمنت، بلغ 220 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري، في حين بلغ مجموع الاعتمادات السنوية نحو 866 مليون دولار، إلا أن هذه الأرقام لم تترجم إلى استقرار في الأسعار المحلية.

إنتاج الإسمنت المحلي يغطي فقط نحو 58% من احتياجات السوق، مما يدفع ليبيا إلى الاعتماد على الواردات من دول مجاورة مثل تونس ومصر وتركيا.  وهو اعتماد مفرط على الاستيراد ويؤدي إلى عدم استقرار في السوق ويفتح المجال للمضاربات”.

في ظل هذه الأزمة، هناك دعوات متزايدة لوزارة الاقتصاد الليبية بفرض تسعيرة جبرية للحد من المضاربات وضبط الأسعار، إلى جانب تحسين الرقابة على أداء المصانع. وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه ليبيا عجزاً كبيراً في الوحدات السكنية، يُقدر بنحو نصف مليون وحدة سكنية، مما يضاعف معاناة المواطنين الباحثين عن سكن مناسب وسط تضاعف أسعار مواد البناء، وعلى رأسها الإسمنت.